النظافة والتجمل والصحة

 من نُفايات وغازات . ولن يتخذ الإلزام بالتطهّر طريقة ألصق وأقوم من هذه التى شرع الإسلام ، لأنها
تجعل المرء يعاود الغسل والوضوء ولو كان نظيفا ، وهى من قبل تنفى عن الأمّة المسلمة أي أثر
من آثار القذارة والاتساخ . على أن الإسلام لم يدع أمر الغسل الكامل للظروف التي تفرضه فرضا ّ
فقد يتكاسل بعض الناس عن الاغتسال ما دامت دواعي فرضه لم تقم ، لذلك وقّت للغسل يوما في
كل أسبوع . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم
، وسواك ويمس من الطيب ” . وفى الحديث:” إن هذا يوم عيد جعله الله للمسلمين ، فمن جاء
الجمعة فليغتسل”. وقد أوجب الإسلام النظافة من الطعام ، فبعد أن ندب إلى الوضوء له ت ويكفى
فيه غسل الأيدى أمر بأن يتخلص الإنسان من فضلاته وروائحه ، وآثاره ، وهذا أنقى للمرء وأطيب.
روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” بركة الطعام الوضوء قبلة والوضوء بعدة ” . وهذه
النظافة المطلوبة يتفاوت الحث عليها باختلاف بقايا الطعام المتخلفة على البدن. فإذا تسربت هذه
البقايا فى الأماكن المتوارية كان حقا على المسلم أن يتطهر منها . قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : ” تخللوا ، فإنه نظافة ! والنظافة تدعو إلى الإيمان ،والإيمان مع صاحبه فى الجنة ” . وقد
اقترنت نظافة الوضوء ونظافة الطعام فى هدى النبى صلى الله عليه وسلم فعن أبى أيوب قال:
خرج علينا رسول الله فقال: ” حبذا المتخللون من أمتى. قال وما المتخللون يا رسول الله؟ قال:
المتخللون فى الوضوء ، والمتخللون من الطعام. أما تخليل الوضوء فالمضمضة والاستنشاق وبين
الأصابع . وأما تخليل الأسنان فمن الطعام ” إنه ليس شيء أشد على الملكين من أن يريا بين أسنان صاحبها وهو قائم يصلى ” . وعناية الدّين بتطهير الفم ، وتجلية الأسنان ، وتنقية ما بينها لا
نظير لها فى وصايا الصحة القديمة ، والحديثة . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” تسوّكوا
؛ فإن السواك مطهرة للفم مرضاة للرب . ما جاءني جبريل إلا أوصاني بالسواك ، حتى لقد خشيت
أن يُفرض على وعلى أمتي “. وفى رواية: ” لقد أمرت بالسواك حتى ظننت أنه ينزل على فيه قرآن
أو وحى ” . والذي يلحظ أمراض الفم واللثة من إهمال تطهيرهما يدرك سر مبالغة الإسلام في ذلك
الأسنان بالمواد الحافظة لرونقها وسلامتها ، دلكا يزيل ما يعلوها وما يختفى حولها. قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : “لقد أمرت بالسواك حتى خشيت أن أدرد” . أى تسقط أسنانى من شدة
الدلك.
والأطعمة ذات الروائح النفاذة والآثار الغليظة كاللحم والسمك وغيرها يجب أن يشتد حذر الإنسان
من إهمالها ؟ فإن التنظف منها ضرورة لحفظ الصحة ، وضرورة لحفظ الكرامة الخاصة ، والآداب العامة :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” من بات وفي يده ريح غمر فأصابه شيء فلا يلومن إلا
نفسه ” والغمر زهومة اللحم . وقد وردت آثار تفيد أن الجراثيم إنما تجد مرتعها الخصب فى الأيدي
والأفواه القذرة ، وأوصت بالتحرر من غوائلها . ومن احترام الإسلام للفرد والمجتمع تحريمه على من
أكل ثوما أو بصلا أو فجلا أن يحضر المجتمعات ، ذاك أن نتن الأفواه من هذه الأطعمة يؤذى
المخاطبين وينفر من أكلها . وقد أسقط الإسلام سنة الجماعة فىي المسجد عمن تناول هذه
المواد ، كما أسقط سنة الجماعة عن الذين أصيبوا بعلل تجعل روائح فمهم أو جسمهم كريهة ،وهذا
الأدب الكريم صيانة محمودة للمرضى والأصحاء . ويوصى الإسلام بأن يكون المرء حسن المنظر
كريم الهيئة ، وقد ألحق هذا الخلق بآداب الصلاة . “يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد” . وكان رسول الله يعلم المسلمين أن يعنوا بهذه الأمور ، وأن يلتزموها فى شئونهم الخاصة حتى يبدو
المسلم فى سمته وملبسه وهيئته جميلا مقبولا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” من
كان له شعر فليكرمه ” . وعن أبى قتادة قلت: يا رسول الله إن لى جمة أفأرجلها ؟ قال: ” نعم
وأكرمها!!” فكان أبو قتادة ربما دهنها فى اليوم مرتين ، من أجل قول رسول الله . فتسريح الرأس
سنة حسنة وتعطيره كذلك.

صفحات: 1 2 3

مقالات ذات صله