ظاهرة الغش في الامتحانات وأثرها على المنظومة التربوية

الأستاذ خالد عبد السلام

نظرا لطبيعة وخصائص عملية التعليم وما تفرضه من شروط (نفسية ،صحية، بيداغوجية…) ومن جهد ووقت وطول النفس لضمان النجاح وتحقيق الأمل، أصبح الكثير من المتعلمين في مختلف المستويات الدراسية (من الابتدائي إلى الجامعي) يستثقلونها ويستصعبون متطلباتها.

لكن الحاجة الى تقدير الذات وتحقيق المكانة الاجتماعية اللائقة عن طريق التفوق الدراسي  جعلت البعض من المتعلمين يقتنع بأن بلوغ ذلك الهدف ليس بالأمر السهل ولا بالأمر المستحيل بل طريقه شاق يستلزم الصبر، المثابرة والاجتهاد فقط.

بينما البعض الآخر يرون بأن تحقيق ذلك الطموح أمرا صعبا للغاية بالاعتماد على القدرات الذاتية، خاصة أولئك الذين ألفوا تدخلات أوليائهم وأقاربهم لانتقالهم من مستوى إلى آخر بطرق ملتوية. لذلك يجدون في الغش والتحايل أهم مخرج للتعويض عن النقص لتحقيق الذات ونيل التقدير ورد الاعتبار من قبل أفراد الأسرة والمدرسة.

وعلى هذا الأساس أصبح مثل هذا السلوك السلبي بمثابة ظاهرة لافتة للانتباه ومنتشرة في كل الأوساط والمستويات التربوية (تلاميذ مدارس وطلبة جامعيين، مراقبين عامين ومفتشين أثناء المسابقات وأثناء امتحانات التقويم المستمر خلال التكوين التناوبي) وبأشكال متعددة ومتنوعة تعبر عن تألق وشغف هؤلاء المتعلمين لتحقيق للنجاح بكل الوسائل وفق القاعدة الميكيافيلية “الغاية تبرر الوسيلة”.

وفي ضوء ذلك اخترع المتعلمون عدة شعارات ومقولات تمجد مثل هذا التصرف السلبي مثل: {من نقًل انتقل ومن اعتمد على نفسه بقي في قسمه} و{من أراد العلى شخر الليالي” من شخير النوم”} وهو تغيير لمنى المقولة {من أراد العلى سهر الليالي}.

وبحكم تجربتي كأستاذ في التعليم الثانوي وتأطيري لدورات تكوينية تناوبية لمستشاري التربية في المعهد التكنولوجي للتربية سابقا بولاية سطيف وكأستاذ جامعي ومشاركتي في حراسة الكثير من الامتحانات الرسمية كالبكالوريا واختبارات التقويم المستمر في التعليم الثانوي والتعليم الجامعي، تمكنت من رصد الكثير من المعلومات حول سلوكيات الممتحنين أثناء الامتحان بناء على الملاحظات الميدانية التي دونتها في مفكرتي الخاصة. وإضافة إلى هذه الملاحظات وفي إطار وظيفتي كمستشار رئيسي للتوجيه المدرسي تمكنت من جمع معلومات حول وسائل الغش ودوافعه عن ريق مقابلات  حصص الإرشاد النفسي ـ التربوي مع تلاميذ التعليم الأساسي والثانوي.

ونظرا لخطورة هذه الظاهرة وانعكاساتها على شخصية المتعلمين، سنعالج في دراستنا هذه مفهوم للغش، أنواعه، أهم المؤشرات الدالة على محاولات الغش كما سجلناها ميدانيا، الوسائل الأكثر استعمالا، أسبابه، أخطاره الدراسية والاجتماعية على المتعلم كشخص وكمواطن له دور في المجتمع وانعكاساتها على سمعة ومصداقية المدرسة والجامعة الجزائرية، وبناء على ذلك سنقدم مجموعة الاقتراحات حول كيفية معالجة هذه الظاهرة و الإجراءات الوقائية منها .

وهدفنا من طرح هذا الموضوع في هذا الظرف بالذات الذي يتزامن ومرحلة الامتحانات الرسمية و النهائية هو لفت انتباه المربين والأولياء والمتعلمين من تلاميذ وطلبة والمسؤولين الإداريين في مختلف المستويات المنظمين لمختلف الامتحانات إلى سلبية وخطورة مثل هذه الظاهرة على الحياة المدرسية والجامعية ومصداقية التربية والتكوين  وبالتالي التجنب للوقاية منها و محاربتها.

فماذا نقصد بالغش المدرسي؟
هو نوع من التحايل والخداع الذي يستعمله المتعلم (مهما كان مستواه) أثناء الفروض ،الاختبارات والامتحانات والمسابقات  للإجابة على الأسئلة التي قدمت له قصد الحصول على نتائج جيدة وضمان النجاح.
فمن خلال هذا المفهوم نستخلص أن مثل هذا الفعل يعتبر سلوكا لا أخلاقيا يمس بآداب التعلم وبمصداقية التعليم .

صفحات: 1 2 3 4

مقالات ذات صله