علم التجويد كمدخل وقائى وعلاجى لإضطرابات النطق والكلام (التخاطب)

الدكتور محمد محمود عبد العزيز النحاس

الدافع الى البحث، هدفه، وأهميته:

يتفرد المسلمون بعلم يساعد على النطق السليم، والقراءة الصحيحة لكتاب الله وهو القرآن. وبهذ العلم يستقيم اللسان ويتعلم المرء فنون الكلام ومخارج الحروف،وطريقة التنفس السليمة الى غير ذلك مما يدرسه المتخصصون فى علم التخاطب،وعلم التجويد.

ومن يستقرىء دراسات علم التخاطب فى الدراسات العربية يجد أنها تهرول وراء كل أجنبى وبحث غير اسلامى وغير عربى ولا غرابة فى ذلك بيد أن الدهشة تنتاب المرء حينما يصحح لغته ونطقه بلغة ونطق غير العرب.

والحكمة ضالة المؤمن أنا وجدها فهو أحق بها. نأخذ منهم أى الغرب تدريبات التنفس وفنيات العلاج التخاطبى وحتى مخارج الحروف وطريقة النطق وعلاج الاضطرابات المصاحبة لإضطرابات النطق من توتر وقلق واكتئاب ونقص فى الدافعية الى غير ذلك متجاهلين ذلك العلم الذى نتفرد به ويمثل مصدر أصيلا لعلم التخاطب يتم تجاهله عن عمد أو عن جهل ؛ بل ويتعدى الأمر ذلك اذ ننقل عن الغرب آداب أخلاقيات التعامل بين المعالج والمضطرب من حفظ للسر وعدم الابتزاز والاخلاص فى العمل والتركيز فى التدريب معه.

ألا يمثل ذلك دافعا لأن يعلم الجميع وبخاصة من يعملون فى مجال التخاطب أنه ثمة أصول أقى حجة وبينا فى قواعد علم التخاطب ممتمثلة فى علم التجويد الذى يدرب المرء على النطق السليم ومخارج الحروف وتدريبات التنفس وأخلاقيات العالم والمتعلم.

كذلك يدفع لمثل هذا البحث حاجة من يعملون فى مجال علم التجويد الى العديد من فنيات علم التخاطب ومعرفة أصول علم نفس النمو وعلم النفس العلاجى وعلم التخاطب لكى يتحسن أداؤهم مع المتعلمين فلا يتعجلون طفلا لم ينمو لديه جهاز النطق بالدرجة الكافية أو لديه رابط للسان يمنعه عن الكلام السليم وعلاج ذلك يسير جدا يمكن أن يقوم به الشيخ فى مقرءته والمعالج فى تدريباته، ولا يؤذون طفلا يعانى من عرض لمرض نفسى كانشاط الزائد وقصور الانتباه أو صعوبات التعلم وكذلك كيف يتعلمون معاملة من لديه استئصال حنجرى أو لايجيد التنفس أثناء الكلام.

ومما سبق تظهر أهمية هذا البحث أهدافه فى ابراز أهمية علم التجويد الذى أهملناه فى تعليم أطفالنا النطق السليم ومخارج الحروف وغير ذلك مما سبق ذكره.وكذا الاعتزاز بعلومنا ودعوة للجمع بين علماء التجويد أشرف العلوم وعلماء التخاطب .

 

حدود البحث:

يقتصر هذا البحث على الدور الوقائى والعلاجى لعلم التجويد فى الشفاء من اضطرابات النطق والكلام والتى تصيب المرء لا من عيب خلقى أو مرض جسمى.

مشكلة البحث:

اضطرابات النطق والكلام والشفاء منها بعلم اسلامى عربى ترتد أصوله الى أشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم. والى النطق السليم من جبريل عليه السلام فهو علم اسلامى أصيل.

الأطار النظرى للدرسة:

وفيه تعريف بعلم التخاطب واضطرابات النطق والكلام وذلك لكون البحث موجه الى علماء فى علوم القرآن والتجويد. وعرض لبعض النظريات التشخيصية والعلاجية ودور الأسرة والمعلم والأم والمجتمع فى الوقاية من اضطرابات النطق والكلام.

(1) اضطرابات النطـق والكلام :
ينبغي أن يكون الكلام مرتباً وصحيحاً من حيث التركيب ، فضلا عن حدوثه بسلاسة ويسر، وبصورة تلقائية ومناسبة لمقتضيات الحديث والمواقف المختلفة ، بالإضافة إلى ضرورة أن يتبع الكلام القواعد المختلفة المتفق عليها في الثقافة التي ينشأ فيها الفرد وإذا لم يتحقق ذلك يعد الكلام معيباً ومضطربا.

ويعرف عبد العزيز الشخص و عبد الغفار الدماطي (1992) اضطراب الكلام بأنه ” عدم القدرة على إصدار أصوات اللغة بصورة سليمة ، نتيجة المشكلات في التناسق العضلي ، أوعيب في مخارج أصوات الحروف ، أو لفقر في الكفاءة الصوتية ، أو خلل عضوي.

كما حدد عبد العزيز الشخص الاعتبارات التالية لتحديد اضطراب النطق

أن يكون الكلام معوقاً لعملية التواصل.
أن يسترعي الكلام اهتمام الشخص المتحدث أو أن يؤدى إلى معاناة الفرد من القلق وسوء التوافق.(عبد العزيز الشخص، الدماطي، 1992، 415)

كما أشارت سهي منصور (1999) إلى أن اضطرابات النطق والكلام هي كل ما يصيب وظيفة إخراج أصوات اللغة مكونة من سواكن ومتحركات.

(سهي منصور،1999، 75)
ومن أهم الاضطرابات المتعلقة بالنطق والكلام.

أولاً : اللدغة Dyslalia  :

1- اللدغة الرائية وهى قلب صوت ( الراء ) إلى التالي

ر                            ى       مثال كلمة  ( رامي )  تنطق ( يامي )

ر                             ل      مثال كلمة  ( رامي )  تنطق  ( لامي )

ر                             غ     مثال كلمة   ( رامي )  تنطق ( غامي )

 

2- اللدغة السينية : وفيها يخرج صوت السين ( س ) بشكل غير صحيح:

وهناك اللدغة السينية الأمامية    مثال كلمة  ( سامي )   تنطق ( ثامي )

وهناك اللدغة السينية الجانبية    مثال كلمة  ( سامي )   تنطق ( شامي )

وهناك اللدغة السينية البلعومية   مثال كلمة ( سامي )   تنطق  ( خامي )

 

3- اللدغة الخلفية الأمامية : حيث يقوم الطفل بقلب صوت الكاف إلى ( تاء) أو قلب صوت الجيم إلى ( دال ) :

ك                                     ت    مثال    كلمة ( كنافة ) تنطق ( تنافة)

ج                                       د                   ( جمل )        ( دمل)

 

ثانياً الخنف Nasality : اضطرابات في النطق ينتج عن عدم تكافؤ الصمام اللهائي البلعومي، ففي بعض الحالات لا يحدث غلق للتجويف الأنفي نتيجة عن عدم تكافؤ الصمام اللهائي البلعومي

الأمر الذي يجعل كثيراً من الأصوات تخرج منه، وهنا يحدث الخنف.

ثالثاً: الحبسة الكلامية   Dysarthria

وهى عدم القدرة على أداء أصوات الكلام بشكل صحيح نتيجة لاضطراب فى الجهاز الحركي الذى يؤدى إلى تدهور التناسق بين عضلات جهاز النطق، فتنطق الكلمة وعضلات الفم مرتخية فيحدث لها تطويل مثال: أســــــــــــمـــى أحــــــمـــد.

أو تنطق الكلمة وعضلات الفم فى حالة تشنج فيحدث لها إدغام مثال: (أسى أحد) بدلا من أن ينطقها اسمى أحمد.

 

رابعاً: التلعثم:

وهو إنشطار للفونيم يظهر فى الصور التالية :

– تلعثم توقفي   مثال ——- كلمة ( محمد )  تنطق    مـ    توقف  ـ    حمد

– تلعثم تطويلي  مثال ——- كلمة ( محمد )  تنطق   مــ  تطويلــــ حمد

– تلعثم تكراري  مثال —— كلمة  ( محمد )  تنطق م م م م م م  م حمد تكرار

أو تنطق محمد محمد محمد محمد .

ففي التلعثم التكراري يحدث تكرار للصوت الواحد من الكلمة مثل ( م ) أو تكرار للكلمة بأكملها مثل كلمة ( محمد ) كما في المثال السابق.

وبالإضافة إلى ذلك فأن اضطرابات النطق تتمثل فى أربعة أشكال هى :

1-الحذف  Omission

وهو عبارة عن حذف ( فونيم ) صوت من أصوات الكلمة مثال كلمة (طيارة ) تنطق يارة حيث نلاحظ حذف صوت الـ ( ط ).

 

2-الإضافة : Addition

عبارة عن إضافة صوت زائد على أصوات الكلمة الأساسية مثال كلمة (طيارة) تنطق (ططيارة) حيث نلاحظ إضافة صوت ( ط ).

3-الإبدال :  Substitution

عبارة عن إبدال صوت بأخر عند النطق مما يؤدى صعوبة فهم كلام الطفل مثال كلمة (طيارة) تنطق (أيارة) حيث نلاحظ إبدال صوت ( ط ) بصوت ( أ ).

4-التحريف : Distortion

نطق الصوت بطريقة خاطئة مثل كلمة (طيارة) تنطق (أيرارة) وأكثر الأصوات تأثراً بهذه الاضطرابات هي الأصوات الساكنة مثل ( ف ) ، ( ب ) ، ( ش)، ( ذ ) حيث تكثر الأخطاء مع حدوث الكلام التلقائي.

 

(2) البيئة المحيطة بالطفل ودورها في حدوث اضطرابات النطق :

تعتبر الأسرة أول بيئة تربوية يتواجد فيها الطفل ويتفاعل معها ، فهي التي توفر له الحماية والأمن وهى المسئولة عن توفير كل الاحتياجات اللازمة له طبقاً للمرحلة العمرية التي يمر بها.

ولما كانت الأسرة هي المجال الاجتماعي الأول الذي ينشأ فيه الطفل ، أصبحت العلاقات الأسرية سببا مباشرا من أسباب نمو الطفل نموا سويا أو نموا غير سوى ، ودرجة الأمن التي يحس بها الطفل ذات أثر كبير في تكيفه أو عدم تكيفه من الوجهة الاجتماعية و النفسية .                                                                      (مصطفى فهمي، 1976 ،59 )

فأساليب معاملة الوالدين للطفل تعد بمثابة المرآة التي تتضمن أحكاماً عن قيمة ومكانةٍ الطفل داخل الأسرة ، فإحساس الطفل بقيمته مرتبطاً بمدى شعوره بالنقص أو شعوره بالثقة ، حيث يدعم هذه الأحاسيس سلوك الوالدين تجاه طفلهم ،  فكلما زاد إحساس الطفل بقيمته وأهميته في المحيط الاجتماعي الذي يعيش فيه كلما دعم هذا من ثقته بنفسه ومن قدرته على الاعتماد عليها.

وعلى العكس من ذلك فالأسرة التي يتسم فيها الوالدان بالسيطرة والتحكم ، تهييء جواً أسرياً مشحوناً بالضغوط ، الأمر الذي يؤدى إلى الاخفاق في إتمام عملية التواصل بين الطفل ووالديه ، ومن ثم مزيداً من المعوقات للنمو الطبيعي لكلام الطفل .

 

فجذورمشكلة النطق توجد دائما في العلاقات التي تقوم بين الطفل ووالديه في المراحل المبكرة من حياةٍ الطفل ، فعندما تصبح مطالب الآباء من الطفل أعلى مما يستطيع  أداءه ، وعندما يستخدم الآباء في سبيل ذلك العقاب القاسي والقيود المشددة ويقيمون ما ينجزه الطفل تقييماً سلبياً باستمرار ، فإن الاحتمال الأكبر أن يصاب الطفل عندئذ بالقلق والتوتر و حدوث اضطرابات النطق .

(Jennifer,2001,69)

 

كما تؤثر الاتجاهات الوالدية الخاطئة التي ينشأ فيها الطفل من تدليل زائد ، وحنان مفرط، أو صرامة زائدة إلى حد القسوة ، في وجود علاقة غير سوية بين الوالدين والطفل ، ينعكس أثرها بشكل سلبي على نطق الطفل .

ومن بين العوامل البيئية الهامة التي يحتمل أن تؤثر على النطق عامل أساسي يتمثل في أنماط كلام الآخرين التي يتعرض لها الطفل أثناء تعلم الكلام وخصوصا الأم ، وكميه الاستثارة والدافعية التي يحصل عليها الطفل خلال مرحلة نمو الكلام .

 

حيث أوضحت دراسة كل من مايرز و فريمان  Meyers & Freeman (1985) أن أمهات الأطفال ذوى اضطرابات النطق يطالبن أطفالهن بالكلام دون أن يكن هن نموذجا لهم في النطق مما يؤدى إلى وجود نوع من الضغوط على الطفل في التواصل والفشل في النطق وعدم تحقيق الطلاقة اللفظية .

(Meyers & Freeman, 1985,204)

 

 

كما تشير دراسة نوران العسال (1990) إلى  أن انتقاد الوالدين  لكلام الطفل و مطالبته بالكمال في النطق يؤدى بالطفل إلى تفادى وتحاشى الكلام أمامهم مما يساعد على ظهور اضطرابات النطق عند الطفل.

(نوران العسال ،1990، 90)

 

وقد تبين من نتائج دراسة جهان غالب (1998) أن حدة التلعثم تزداد بازدياد انشغال الآباء عن أبنائهم و بارتفاع مستوى تعليم الأب والأم حيث يتوقعون من أبنائهم أكثر مما يستطيعون إنجازه، والعلاقات الأسرية التي يشملها نوع من الفتور تؤثر بالسلب على علاقات الطفل المدرسية والمجتمع البيئي المحيط به ، مما يؤدى في نهاية الأمر إلى سوء التوافق الاجتماعى وزيادة الاضطراب في النطق .

(جهان غالب ، 1998 ،104 )

وتعد البيئة الأسرية عاملا أساسيا في مساعدة الطفل على النطق الصحيح حيث وجد  انجهام  Ingham (1993) أن أسر الأطفال ذوى اضطرابات النطق تتصف بالتالي :

أساليب سيطرة والدية خاطئة و سوء استخدام قاعدة الثواب والعقاب .
الاعتماد على حل الصراع الداخلي في الأسرة من خلال التهديد للطفل .
عجز الاتصال بين الوالدين والطفل والتفاهم من خلال الكلمة والموضوع و التي تستبدل بشدة الأفعال والأصوات .
صدور مقاطع كلامية تحمل معنى السخرية من الطفل أثناء الحديث معه مما يعوق تدفق أفكار الطفل و يجعله يتجنب الحديث أمامهم .

Ingham , 1993, 137)                                                                 )
4- نظرية إخراج الصوت Vocalization Theory  :

أوضح ونجيت Wingate  (1969) أن بطء معدل الكلام  يتميز بإطالة المتحركات، مما يساعد على الطلاقة لدى الطفل المتلعثم ، يتضح ذلك من خلال كلام الطفل المتلعثم  عن طريق جهاز المترونوم ، أثناء الغناء أو الاقتفاء Shadowing  ،أو أثناء الغناء في كورال ، كما يحدث التلعثم نتيجة للسلوك الذي يتبعه المتلعثم عند نطق الأصوات المتحركة والساكنة، ويقترح ونجيت أن فشل التآزر بين حركة الشهيق والزفير، وفشل النأزر بين حركة الزفير وتكييف عضلات الحنجرة في الاستعداد لإصدار الكلام لهم علاقة مباشرة بحدوث التلعثم ,

(نوران العسال،1990، 20 :21 )(Ahlam,1993,11)

2- النظرية السلوكية:

التلعثم من وجهة نظر المدرسة السلوكية عبارة عن سلوك مكتسب بالتعلم ، هذا التعلم يتم من خلال أربع صور هي :

أ – التلعثم كاستجابة شرطية تقليدية .

ب – التلعثم كسلوك إجرائي .

ج – التلعثم من منظور نظرية العاملين.

د – التلعثم كصراع .

أ – التلعثم كاستجابة شرطية :

ينظر هذا الاتجاه إلى التلعثم على أنه استجابة شرطية من منطلق معايير بافلوف Baflof، حيث يرى أن التلعثم يحدث نتيجة تأثير الانفعالات النفسية على الكلام مثل الشعور بالإحباط أو الإحساس بعدم الرضا من جانب المستمع والخوف منه أو من عقابه.

فيفترض هذا الاتجاه أنه في حالة حدوث خوف أو قلق أثناء الكلام يحدث معه اضطراب في تكوين التفكير المتسلسل اللازم لإخراج الكلام المسترسل ، وإذا كان الخوف بقدر كبير فإنه يحدث خلل في تناسق الكلام ولذلك يحدث التلعثم.

 

ووفقا لوجهه النظر هذه يحدث التلعثم نتيجة ارتباطه بالحالة الانفعالية لبعض المواقف الكلامية ، ثم يحدث لها تعميم على كل المواقف ، ويصبح الكلام مثيراً للخوف لدى الطفل المتلعثم لما يتوقعه من عقاب على تلعثمه.

(نوران العسال، 1990، 29) (Ahlam,1993,19)

 

ب – التلعثم كسلوك إجرائي:

ينطلق هذا الاتجاه من مبادئ نظرية سكينر Skinner  في تفسير حدوث التلعثم على أنه سلوك إجرائي يعتمد على وجود تعزيز Reinforcement   لعدم الطلاقة الطبيعية التي تحدث لكل الأطفال تقريبا في مرحلة اكتساب اللغة.

وتختفي ظاهرة حدوث عدم الطلاقة الطبيعية في مرحلة اكتساب اللغة إذا لم تجد رد فعل (تعزيز) من الوالدين، هذا التعزيز إما أن يكون ايجابياً في صورة اهتمام من جانب الوالدين فيزيد عدم الطلاقة وتصبح سمة من سمات كلام الطفل ، أو يكون تعزيزاً سلبياً يأتي في صورة رفض أو إحباط للطفل مما يؤدى إلى ظهور رد فعل التفادى والتحاشي للكلام عند الطفل مما يعزز عملية التلعثم.

وهناك من أتباع هذا الاتجاه الذي يرى أن التلعثم قد يعزز عن طريق وجود بعض المكاسب الثانوية، فالطفل قد يستمتع برد الفعل الناتج عن تلعثمه من خلال إعفائه من الإجابة على الأسئلة في الفصل أو تسميع الدروس أو جذب انتباه الوالدين، لذلك قد يكون التلعثم لبعض الوقت مجزياً من وجهة نظر الطفل المتلعثم.

Sara, 2000,104)                    (

ج – التلعثم من منظور نظرية العاملين ” التشريط الإجرائي والكلاسيكي” :

يتزعم هذا الاتجاه المستمد من مفاهيم مورر Mowrer  في تفسير التلعثم كلا من بروتن، وشوميكر Brutten & Shoemeker حيث يعتقدان أن التكرار والإطالة قد يكونان نتيجة للانفعالات السلبية من خلال التشريط الكلاسيكي، أما التفادى فهو رد فعل يتعلمه الطفل المتلعثم من خلال التشريط الأدائي لإخفاء تلعثمه وأوصوا أن يتضمن البرنامج العلاجي إضعاف مرحلة التشريط الكلاسيكي والانفعالات المصاحبة، مما يؤدى إلى اختفاء معظم ردود الفعل مثل التفادى.

Youssef, 1986,59))   (نوران العسال ، 1990 ، 31)

د – التلعثم من منظور صراع الإقدام – الإحجام

اتخذ شيهان Sheehan  (1958) من مفاهيم ميللرMiller عن صراع (الإقدام ـ الإحجام ) أساساً لنظريته في التلعثم حيث يرى أن الصراعات المؤلمة في الحياة هي عندما يكون الشخص حائراً بين رغبات متضادة ، وخاصة عندما يكون الاحتياج للشيئين المتضادين متساويا يزداد التوتر، ويقل هذا التوتر عندما يغلب الاحتياج إلى شئ عن الأخر ، وقد رأى شيهان أنه عندما يريد المتلعثم الكلام أكثر من رغبته في الصمت يحدث الكلام بطلاقة ، وإذا كانت رغبته في الصمت أكثر من رغبته في الكلام فهو يظل صامتاً ، أما عندما تكون رغبة الكلام مساوية لرغبة الصمت فهنا يحدث التلعثم.               (هدى عبد الواحد، 1998، 32)

 

أي أن المتلعثم يجد نفسه بين اختيارين كلاهما صعب حيث يكون لديه دافع للكلام ليعبر عن ذاته ويحقق التواصل مع الآخرين ، وفى نفس الوقت لديه دافع للصمت لتوقعه مقدماً لما يسببه له تلعثمه من خجل وشعور بالذنب وبذلك يصبح المتلعثم ضحية للشعور بالعجز والخوف الذي يحول بينه وبين طلاقة الكلام.

 

وهناك خمس مستويات من الصراع الذي يؤثر على سلامة النطق وطلاقته هي كالتالي :

1-الصراع المرتبط بالكلمة: حيث يكون صراع المتلعثم بين رغبة في الكلام ورغبة في الصمت عند نطق بعض الكلمات بصفة خاصة نتيجة ارتباطها ببعض صعوبات النطق التي سبق أن اكتسبها من خبرات سيئة سابقة قد أعاشها.

2-الصراع المرتبط بالمحتوى الانفعالي: يرتبط الصراع بمضمون أو محتوى الكلام بشكل يؤثر على المستوى الانفعالي للمتلعثم.

3-الصراع المرتبط بمستوى العلاقة: الصراع هنا مرتبط بطبيعة ونوع العلاقة بين المتلعثم والمستمع حيث يزداد دافع الإحجام عن الكلام أمام بعض الأفراد دون غيرهم.

4-الصراع المرتبط بالموقف: يتولد الصراع عندما يواجه المتلعثم رغبتين متضادين للدخول في الموقف والابتعاد عنه.

5-الصراع المرتبط بحماية الأنا: حيث يرتبط الصراع بالتحدث في مواقف تمثل تهديداً للانا كموقف تنافس يحتمل الفشل أو النجاح.

(youssef,1986,62:63)(نوران العسال،1990،32:31) (سهير امين،1995 ،62 ) (سهير أمين،2000، 35:36)

وهناك ثلاث مواقف يحدث من خلالها خفض الخوف من التلعثم:

حدوث التلعثم يخفض الخوف المتوقع عن طريق جعل عملية التلعثم صريحة.
حدوث التلعثم في ظل مزيد من التكيف مع الذات يتيح تقبل الذات مما يؤدى إلى خفض التلعثم.
أنه إذا اعتبرنا التلعثم شكلا من أشكال العدوانية، فمعني ذلك أن خفض مرات التلعثم يؤدى لخفض الدافع ذي الصبغة العدوانية، وهذا يتيح الفرصة لخفض الخوف والتقدم نحو الكلام السوي.
وتزداد شدة التلعثم إذا شعرالمتلعثم بأنه أقل من المستمع له، وتعتدل شدة التلعثم إذا تحدث المتلعثم مع شخصية مماثلة له، كما تقل شدة التلعثم في المواقف التي تتضمن تقييما ايجابياً للذات، ولا يظهر التلعثم  عندما يتحدث المتلعثم مع من هم أصغر منه سناً أو إلى ذاته أو عند القراءة وحيداً.                                                     (Stromsta,1986, 237)

مما سبق أن توقع المتلعثم للصعوبات في النطق تجعله يبذل مجهودات كبيرة من أجل إخفاء قصوره اللفظي ، فتكون هذه المجهودات ذاتها بمثابة الباعث والمثير للتلعثم، بمعنى أن الخوف الذي يصاحب الاستعداد للكلام هو الذي يؤدى لحدوث التلعثم.

صفحات: 1 2 3 4 5 6 7

مقالات ذات صله